قال الشيخ سيف الله نظام أوغلو الخلوتي:
اعرف نفسك، فإنما أنت عين النور المصفى منذ مبدأ العالمَين كنت عين سر {أو أدنى}.
ولأجلك نالَت السماواتُ والنُّجومُ نظامَها؛ ودُفترُ الخليقة كلّه، بما ظهر فيه، معانيه منطوية فيك أنت
قد بيّن لك الحقُّ من البدء علومَ الأوّل والآخر؛ فلا تكن جاهلًا، فأنت العالمُ وأنت الحكيم.
أنت المُكرَّم بآية القرآن، أنت المُشرَّف ألم يقل الله لك: «عَلَّمَ آدم الأسمــاءَ كلَّها»؟
افتح عين قلب تجدك شعاع نور في مرآة المولى أنت الكأسُ المصقول الذي ينعكس فيه ذاتُ الله وتجلياته.
فكيف ترضى أن تحكم عليك دار الفناء؟ وكيف تميلُ إلى هذا العالم الزائل؟
هذه الدنيا خيالٌ، وأصلُك هو النورُ وراء العوالم. فلا تخدعك ظلمة الفناء فتبقى مع التراب
لقد خُلقتَ للقُرب الأزلي، فلماذا تبتعد؟ مسكنك الأبدي هو عالمُ الخلود لا هذا الدار المؤقّتة.
لا تترك وطنك الروحي فتسقط في الحسرة. افتح عين قلبك على نور مرآة المولى — فأنت صورته.
أنت الكأسُ المصقول الذي تنعكس فيه ذاتُ الله وتجلياته اعرف نفسك، فمَن عرف نفسَه عرف ربَّه.
ومن توجّه إلى الله في عالم القلب وجد الطريق ومن تجنّب غيره صار صافياً نقيّاً.
ويظهر له الملك الحقّ، الحاكم المطلق. يمحو وجودك الوهمي ويمنحك وجوده الحقّ.
ومَن لا يرى ذاتَه لا يعرف الله. فلا تَشرد بعيداً عن حقيقتك — عُدْ إلى نفسك.
فكلّ ما تبحث عنه في الخارج هو فيك انظر في مرآتك؛ فالمستحقّ أن يظهر فيها هو الله وحده.
أنت الكأسُ المصقول الذي تنعكس فيه ذات الله أنت مجلى النور فيك كنزُ البيت الأزلي.
فيك شمسُ الشرف وكوكبُ السعادة. فيك الجنان وأهلها الطاهرون والملائكة.
فيك رحابُ حضرة الحقّ وساحته المقدّسة. فيك الكعبةُ وزمزمُ والصّفا والمروة.
دع الغفلة، وأعد نظرك إلى ذاتك. فأنت مقصدُ الخلق كلّه.
ولأجلك يشتعل صدرُ العاشق بالأنين. افتح عين قلبك، أنت شعاع نور في مرآة المولى — بل أنت تجلّيه.
أنت الكأسُ المصقول الذي تنعكس فيه ذات الله لا تجعل الدنيا تسكرُك بوهمها.
تعجّبْ من أسرار هذا الدار الفانية؛ ألم تعلم أنه ليس دارَ قرار؟
في باطن الوجود أنت شمسٌ مشرقة أنت النجمُ اللامع في عالم المعنى، وإن لم تفهم جوهرك ظاهراً.
في عالم المعنى أنت الشمسُ المضِيئة. تعالَ يا نِظام أَوْغُلي — انسَ نفسك وادخل باب المعرفة.
واشرب من "كُنتُ كنزًا" لتصبح بحراً كريما. فأنت الكأسُ المصقول الذي تنعكس فيه ذات الله