الأنوار مطايا القلوب والأسرار - سيدي برهان الدين المواهبي

قال سيدي برهان الدين المواهبي في شرحه على الحكم العطائية، عن قوله: الأَنوارُ مَطَايَا الْقُلُوبِ وَالْأَسْرَار .

أقول: هي أنوار الواردات العرفانية الإلهية الناشئة عن الورود المتقدم شهود صورته من مرآة قلب المتعبد بها منها ما يؤدي إلى ورود الوارد المفيد شهود الحضرات الإلهية عنه ما يؤدي القلوب إلى حضرات شهود الصفات الفعلية منها، وهو ما تغيب صورة وروده عن مرايا القلوب من غير إفنائها غيبة في أكنة الإخلاص والصدق لورود الوارد النوراني الإلهي الذي هو مطيتها في سيرها إلى شهود الصفات الفعلية. ومفرد القلوب القلب وهو عندهم عبارة عن صورة العدالة الحاصلة للروح الروحاني في أخلاقه بحيث يصير فيها على حاق الوسط بلا ميل إلى الأطراف.

ومنه ما يؤدي الأسرار إلى حضرة شهود الصفات الذاتية والمشاهدة الغيبية الأحدية وهو ما أفنيت صورة ورده لورود واردها الذي هو مطيتها في سيرها إلى ذلك، ومفرد الأسرار السر الذي هو عندهم عبارة عن حظ كل موجود من الحق بالتوجه الإيجادي، وهو الذي يحب الحق ويطلبه ويعلمه ليشهده به.

وقال عند قوله: النُّورُ لَهُ الْكَشْفُ، وَالْبَصِيرَةُ لَهَا الْحُكْمُ، وَالْقَلْبُ لَهُ الإِقْبالُ والإِدْبار.

أقول: النور هو الوارد الإلهي الذي يطرد الكون عن القلب بكشفه لحقائق المكوّن المتجلي بها التي لولاها لما كان من الكون شيء ولا كان على ما هو عليه لصدور الكون ولوازمه عن مصادر الفعال بإرادة المختار الفعال، المتنوعة عن الصفات الظاهرة بالذات، كشفاً يقتضي تمتع المكشوف لـه مـن حـيـث الـسـر والبصيرة الحاكمة بأن جميع ما انكشف إنما أنه هو لا غيره، كما أنه غيره لا هو، بحيث تستغرقه الحيرة في شهود الحقائق المتجلى بها المتكشفة له بتمييز كل منها عن كل منها مع أحدية المحتد والأصل، فيصير القلب الذي له الإقبال والإدبار لما ميزته له البصيرة بعدالته مقبلاً على ما هو المراد المرضي، مدبراً عن ما ليس بمراد مرضي، مع وكشفه وشهوده لحقيقة كل منهما من حيث ظهور الحق بهما له، رعاية بكمال عدالته لظهور مراضي الحق المتجلي بالكل.

وكل ذلك نتائج التبري مما ليس لك من القال والحال والأعمال ، وتخلين عن إياك من نسبة ما ليس لك، فافهم.